لن أرتدي هذا البنطال...إنّه يضايقني ويشدّ على بطني...
أريد تلك التنورة الصفراء.. إنّها جميلة وألوانها زاهية.. سأرتديها اليوم في بيت جدي.
سألبس هذا الفستان البنفسجيّ حتّى تراه زميلاتي في حفلة المدرسة..
أوقات طويلة نمضيها أمام خزانة الملابس لكي يلبس أبناؤنا ملابس الخروج، بعد محاولات إقناع أحياناً والزجر والإلزام أحياناً كثيرة، فتتحوّل الساعة التي تسبق الخروج إلى ساعة نقاش حادّة ترتفع فيها الأصوات، ويجهش الطفل بالبكاء، من أجل إظهار الطفل بمظهر لائق وملابس متناسقة برأي الأمّ متناسية في كثير من الأحيان أنّ عملية إختيار الملابس حقّ مشترك بين الآباء وأبنائهم.
* كيف نستطيع إذاً اختيار لباس أطفالنا؟
* وهل هناك سنّ معيّنة ينبغي فيه على الأمّ مشاورة ابنها فيما يخصّ لباسه؟
* وما هي الأمور التي يجب علينا مراعاتها عند شراء ملابس الأطفال؟
ينتقي الوالدان عادة ما يحلو لهم من الملابس لأطفالهم دون التنبّه لنوعية الملابس المنتقاة أو أخذ رأي طفلهم في هذا المجال.
طفل السنة الأولى عادة لايقدّم أيّ إعتراض على ما يرتديه من ملابس، فهو مازال صغيرا، لا يستطيع التعبير عن رأيه أو إبداء الموافقة أو الرفض.. ولكن نجد بعض الأمّهات تركّز على الناحية الشكليّة فقط، وشراء الماركات الشهيرة التي تركّز على الشكل الخارجيّ فقط دون الاهتمام بالجوهر، كالعناية بالراحة التي توفّرها الملابس لهذا الصغير.
من الأمور التي يجب أخذها بعين الإعتبار عند شراء ملابس للطفل في سنته الأولى أن تحتوي على نسبة كبيرة من القطن بعيدا عن البوليستر الذي يحتوي على النايلون الذي لا يمتصّ العرق ممّا يسبّب إزعاجاً للطفل.. وأن تكون في الغالب مكوّنة من قطعة واحدة، وأن يتناسب المقاس مع حجم الطفل، فلا يكون اللباس فضفاضاً واسعاً فيحدّ من سهولة حركته، ولا ضيّقاً يشعره بعدم الارتياح.
وعند شراء ملابس الأطفال في هذه المرحلة العمريّة المبكّرة لابدّ من الإنتباه في إختيار الألوان الزاهية الفاتحة التي تشعر الطفل بالفرح والإرتياح، والبعد عن الألوان الداكنة التي تؤثّر سلباً على مزاجه، فالطفل يعي تماماً الألوان وهي تؤثّر سلباً وإيجاباً عليه.
وهناك من الأمّهات من تفرط في إكثارها من الملابس على ابنها في فصل الشتاء خوفاً عليه من البرد، الأمر الذي قد يأتي بنتائج عكسيّة فضلاً عن كونها مزعجة وغير مريحة له.
ومع مرور السنوات يكبر الطفل ويصبح قادراً على التمييز بين أنواع شتّى من الملابس وإختيار الأقرب إلى نفسه، إمّا لأنّها مريحة وتجذبه، أو إثباتا لشخصيّته.. وحينها علينا ألا نتجاهل هذا الأمر ونترك له مساحة من الحريّة في إختيار ما يروق له من ملابس.
إنّ إعطاءنا مجالا لأبنائنا في إختيار ملابسهم تحت إشرافنا وتوجيهنا يطوّر شخصيّة الطفل ويزيد من ثقّته بذاته، وتعوّده على حسن الإختيار والذوق الرفيع بناء على نظرة كثير من الأمّهات في هذا الصدد..وفي نفس الوقت يقلّل من حدّة المناقشات والرفض لما تقدّمه له والدته من ملابس، فهو من إختارها أو رافقها، وأبداً موافقته لهذه الملابس، ومن المناسب أن تعرض الأمّ على طفلها عدداً من القطع وتطلب منه أن يختار إحداها سواء كان ذلك في البيت أو السوق، فإختيار الملابس حقّ مشترك بينهم.
وعندما تنتقد الأمّ ذوق طفلها في إختياره لملابسه أو تستهزئ به وتعلّق عليه تعليقاً جارحاً فذلك حتما سيزعزع الثقة في نفسه، وبدلاً من ذلك عليها أن تقوم بتوجيهه وتقويم حسّه الذوقيّ.
ونجد كثيراً من الأمّهات يتهاونّ ويتساهلن في شراء الملابس غير المحتشمة لأطفالها، أو الملابس التي تحوي صوراً لذوات الأرواح، حيث أفتى كثير من علمائنا فيما يخصّ هذه المسألة وبيّنوا الحكم في ذلك..وتلبس الأمّهات أبناءها هذه الملابس بحجّة أنهم صغار غير مكلّفين، ولكن من شبّ على شيء شاب عليه، فتعتاد البنت على هذه النوعيّة من الملابس، وينتزع حياءها شيئاً فشيئاً، ولكن عندما تعتاد على لبس الساتر من الثياب والإحتشام منذ الصغر فغالباً ما تشبّ على الستر والعفاف، وتستنكر العاري والضيّق من الملابس.
الإهتمام بأناقة الطفل وترتيب لباسه أمر مطلوب، ومن حقّ كلّ أمّ أن يظهر طفلها حسن اللباس متناسق الثياب.. ولكن بحدود وعدم إسراف أو متابعة لماركات عالميّة غالية الثمن قد تصل أسعارها أحياناً قريبة لأسعار الذهب، وعدم المبالغة أيضاً في التنسيق بين الحذاء والإكسسوارات الأخرى مع الثياب، ممّا يكلّف الأسرة مبالغ خياليّة، وذلك من الأمور التي نهانا عنها ديننا الحنيف.
بسم الله الرحمن الرحيم: {إن المبذّرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربّه كفوراً} [الإسراء:27].
الكاتب: سمية السحيباني.
المصدر: موقع رسالة المرأة.